منتدى ararad
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورسجل الزواراتصا بناالتسجيلدخول
<

 

 أيوب القرن العشرين.. من واقع الحياة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ararad hakobean
وسام التميز
وسام التميز
ararad hakobean


ذكر الجدي الحصان
عدد المساهمات : 93
نقاط : 290
العمر : 33
الموقع : www.ararad.yoo7.com
العمل/الترفيه : أنترنيت
المزاج : رايق

أيوب القرن العشرين.. من واقع الحياة Empty
مُساهمةموضوع: أيوب القرن العشرين.. من واقع الحياة   أيوب القرن العشرين.. من واقع الحياة I_icon_minitimeالأربعاء 1 سبتمبر 2010 - 7:43

أجل , (( ايوب القرن العشرين )) الصرخة
العفوية المجبولة بالعطف والالم والحنين التي أطلقها المثلث الرحمات
المطران مار ديونيسيوس جرجس قس بهنام في احدى زياراته لإنسان المأساة
والمعانات , انسان التجربة والآلام ، انسان الايمان والصبر . في القرن
العشرين ، المؤمن أيوب القرن العشرين.. من واقع الحياة Ayoub20
( نوري بينيامين اوسطه جبور ) الذي عاش في بيت متواضغ في حي السريان بحلب
منذ خمسة و ثلاثين عاماً وهو طريح الفراش , انه جسد شبه هامد من الحركة
وكأنه قطعة خشبية على سرير من حديد , اما عيناه الذابلتان فهما للقراءة
ولمشاهدة الزوار القادمين ليأخذوا منه دروساً في الصبر والتجربة والإيمان
،وهو يردد عليهم قول ايوب البار))الانه يعرف طريقي،اذا جرني اخرج
كالذهب:بخطواته استمسكت رجلي, حفظت طريقه ولم احد, ومن وصية شفتيه لم
ابرح,اكثر من فريضتي ذخرت كلام فيه . )) ( ايو 23/ 10-12 )
مولده
في مدينة
اورفا من بلاد الرها،وفي عام 1917 ابصر((نوري بنيامين)) الحياة وذلك خلال
الحرب العالمية الاولى انه من عائلة سريانية مؤمنة، ولقد استشهد والده
واثنان من اعمامه في سبيل الايمان القويم وهو طفل يافع، فاضطرت والدته ان
تهاجر ارض الآباء والجدود مخلّفة وراءها كل ما تملكه باستثناء وحيدها نوري
والايمان العميق بيسوع المسيح ،فاستوطنت حلب وبدأت الام تعمل – وهي مثال
الام الحكيمة – من اجل إعالة ابنها الوحيد . فأدخلته المدرسة وانكب على
الدراسة بجد ونشاط وكانت له هواية شديدة بالرياضة بمختلف انواعها... وفي
يوم من ايام الخريف استيقظ نوري باكراً فوجد امه نائمة على غير عادتها ,
فقد اعتادت الاستيقاظ باكراً لتهيئ ما يحتاج إليه ولدها ،حيث كانت تذهب
لعملها ولا تعود الا المساء .
لقد كانت راقدة رقاد الموت الأبدي مخلفة طفلاً صغيراً لا حول له ولا
قوة الا اللّه ... لقد انهمرت دموعه وغص البكاء في قلبه لقد نادى امه ...
هيهات ان تسمعه . والطفل الصغير نوري يردد مع المرتل الإلهي داوود (( الى
متى يا رب تنساني كل النسيان , الى متى تحجب وجهك عني , الى متى تجعل
هموماً في نفسي وحزناً في قلبي كل يوم , الى متى يرتفع عدوي عليّ ؟ انظر
واستجب لي يارب . )) (مز13/2-3) .
تشرد الطفل بعد وفاة والدته فاضطرت عمته الى ايوائه عندها والاهتمام
بمعيشته ودراسته رغم ظروفها المادية المتدهورة والقاسية .وبسبب هذا الواقع
المرير ترك الطفل المدرسة وتدرّب في مهنة الحذاء التي برّز فيها كعامل
ماهر بعد خمسة اعوام وبنفس الوقت كان يمارس الرياضة حتى اصبح فيها بعد
مدرباً لفريقه في كرة القدم .

المرض
تسلل المرض
الى جسمه الغض وهو في ربيعه الثالث والعشرين من جراء الارهاق الشديد في
الرياضة ومزاولة المهنه ، بالاضافة الى سوء التغذية . ودب الالم المبرّح
في عموده الفقري , وباشر في التنقل بين مشفى وآخر ومن طبيب لآخر ،ولكن
بدون جدوى وبدون تحسن . ادخل مشفى (( اوتيل ديو )) في بيروت , وبعدئذ مشفى
(( جامعة الاميريكية )) ولكن لم يظهر اي تحسن على صحته ولم تتوقف الالام
في ظهره . ادخل ثانية مشفى القديس لويس ( فريشو) وبعدئذ مشفى التونيان
بحلب ، فحلّت به الكارثة الكبيرة التي كانت سبباً في عجزه وإقعاده لخمسة
وثلاثين عاماً بسبب العمليات غير الناجحة التي أُجريت في عاموده الفقري
والثانية والثالثة في الوركين . حيث قام الطبيب بفك فقرات العامود
وتجليسها ومن ثم وضع جسمه كله في الجص لمدة خمسة اشهر متواصلة ، وبعد أن
خلع الطبيب الجص عن جسمه واذا به قطعة جامدة لا حركة فيها ولا نشاط ,
وكأنه قطعة من الصخر الجلمود . وما كان من الطبيب الا وقف مصارحاً اياه
قائلاً : يا نوري لم تنجح العملية قدر لك ان تبقى طريح الفراش ،ولن تتمكن
من الوقوف ولا السير ولا العمل .
صدم الشاب وهو في مقتبل العمر صدمة عنيفة حتى الاغماء . لقد حكم عليه
الطبيب بالاشغال الشاقة المؤبدة , في سجن سريري لا يستطيع التحرك عليه .
وبعدئذ اعلم الطبيب اقرباء المريض بانه أي مريض لا يستطيع ان يعيش سوى
سنتين فقط لعدم اكتمال الدورة الدموية لديه . اثر ذلك نقل المريض نوري
بسيارة اسعاف الى دار عمته وهو يردد مع الرسول بولس : (( فاني احسب ان
آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن فينا )) (رو م 8/18) .
وفي التاسع من تموز عام 1949 بينما كان الشاب يعاني من آلامه القاسية
ومن وحدته وعزلته القاتلتين ومن غرفته المظلمة ... تراءى له الرب قائلاً :
لا تخف يا نوري وتعزّ اني دوماً في وحدتك , تعال اليّ وانا اريحك وامسح
الدمعة من عينيك والحسرة من قلبك . شعر الشاب بحياة جديدة تدب في اعماقه ,
وابصر نور الايمان يضيء في قلبه , ومشعل الصبر ينير في نفسه ، فبدأ يطالع
الكتاب المقدس ويحفظ آياته ويتعمق في عظمة اقوال السيد المسيح ويرددها على
مسامع المؤمنين الزائرين ويواسي ويعزي وينفخ فيهم روح الايمان والرجاء
والصبر على المآسي والتجارب ونوائب الدهر , عوض ان يعزوهو يشجيعوه على
تحمّل مصيبته .
ومن اقوال المأثورة : اخوتي في الإنسانية , ايها المتألمون والمذنبون
في رحاب هذا العالم الزائل , ايها النزلاء في هذا الفندق الارضي الكبير .
لا بد لنا من العودة الى منازلنا الحقيقية التي وعدنا الرب وهي في السماء
علينا عدم الاستسلام اليأس والقنوط كما جرى لأناس اظلمت الحياة في قلوبهم
فوضعوا حداً لها، لنعش في الامل والرجاء بالآخرة السعيدة اللامتناهية،
نقاوم عمل وتجارب ابليس . لنطالع ونتعمق في الاسفار الالهية طالما يتحرك
فينا ضمير حي يتطلع الى الابدية , وطالما معنا راع صالح يرعانا ويقودنا
الى مروج العزة والسعادة . انظروا اليّ وتأملوا جروحي وقروحي , تأملوا
جسمي المتحجر المسمّر ليس بمقدوري التحرك لا يمنة ولا يسرة ولا الوقوف ولا
الجلوس , انظروا الي فمي فأسناني اطبقت بعضها على بعض فلا استطيع ان افتح
فمي . ان لساني يصول ويجول ضمن فمي المغلق المطبق وهو يسبح ويمجد اللّه
متحدياً بذلك المبدأ القائل : ((العقل السليم في الجسم السليم . )) فجسمي
كله معلول بينما عقلي منير ومشع ومتفتح للحياة .

أيوب القرن العشرين.. من واقع الحياة Ayoub202

على الفراش
لقد
استطاع المؤمن نوري وهو في ألمه ان يتعلم ويدرس ويكتب ، لقد درس واتقن
اللغات الانكليزية والتركية والارمنية، بالاضافة الى الفرنسية والسريانية
والعربية التي تعلمها في المدرسة . لقد اهدت اليه احدى المؤمنات آلة كاتبة
اجنبية وخلال اسبوع تعلّم الضرب عليها وكان يستعملها في مراسلته للمتبرعين
والمحسنين اليه في اوروبا وأمريكة ، غير ان المصائب اشتدت وزادت واصيب
بضعف بصر بالغ من جراء المطالعة والكتابة ، واجريت له عمليتان لإزالة
المياه البيضاء التي تجمعت في عينيه ، وأنعم اللّه عليه ببعض التحسن واصبح
يستعمل نظارتين واحدة للقراءة وثانية للمسافة .
والعجيب في امر هذا الانسان ثباته في التجربة وصبره الحميد في جميع
شدائده . انك لتشاهده وهو يكتب ويضع الورقة البيضاء فوق الكتاب ويمسكه
بيده اليسرى وفي يده اليمنى يمسك بالقلم , ثم يرفع كلتا يديه الى فوق
ويبدأ بالكتابة وتطول معه الكتابة لساعات بدون ملل او تعب . لقد كانت
الكتابه له متنفساً لآلامه وسعادة وراحة لنفسه .
اراد اختباره المثلث الرحمات المطران مار ديونيسيوس جرجس قس بهنام في
احدى زياراته مستفسراً منه عن كيفية تمضية اوقاته وهو طريح الفراش ،
فأجابه المؤمن نوري : ((سيدي انني اقتل الفراغ بالدروس والمطالعة وكتابة
الرسائل على الآلة الكاتبة ثم عاد نيافته وسأله :كيف تستطيع الضرب على
الآلة الكاتبة وانت نائم على ظهرك؟وما كان من ايوب السريان الا اوعز
للممرضة المسؤولة عنه بإحضار الطاولة والمصممة خصيصاً له لكي يستطيع
الكتابة ، فاسندها الى بطنه ووضع فوقها الآلة الكاتبة وباشر بالكتابة ((
دم مخلصنا يسوع المسيح يطهرنا من كل خطايانا . )) واثنى على ايمانه وصبره
وقال له : (( انك ايوب القرن العشرين في صبرك وتجلدك ورجائك . طوبى لك يا
ابني نوري ... استطيع ان اؤكد لك بأن ابواب السماء مفتوحة على مصراعيها
لاستقبالك , هنيئاً لك هناك ستنعم في الابدية حيث اللّه وملائكته والآباء
القديسون ... ))

المحنة تلو المحنة
بعد
ثمانية اعوام على ملازمته الفراش في زاوية من زوايا بيت عمته صممت له عربة
خاصة ليُنقل بواسطتها من مكان الى مكان آخر . وقد تبرع بعض ابناء حي
السريان بدفع قيمة عربته ، كما كان يتم تردده على الكنيسة لسماع كلام
اللّه والقداس الالهي .
لقد توفيت عمته وبعدها زوجها وانتقل نوري الى الغرفة الصغيرة التي
ابتاعتها امه المرحومة من عرق جبينها ، انها غرفة محرومة من اشعة الشمس
ومن الهواء النقي وبنتيجة عدم صحة الغرفة اصيب المؤمن نوري بنزف حاد في
معدته , فسال منه الدم بغزارة وكاد جسمه ان ينضب ويجف من الدم لولا عناية
اللّه به بواسطة الاطباء حلمي وتوتونجي وواكيميان، كما جرى له نزف ثان
حينما خلع طبيب الاسنان احدى اسنانه الجانبية وذلك ليتمكن من تناول الطعام
السائل من مكان السن المخلوعة ، علماً بان اسنانه مطبقة على بعضها ولا
مجال لان يفتح فمه على الاطلاق ، والدهشة حين طلب اليه طبيب الاسنان
بالجلوس ، فردّ نوري لا استطيع ، فقال له ادر رأسك تجاهي فأجاب لا استطيع
، فعاد وقال له افتح فمك فاجاب لا استطيع ، عندئذ استشاط الطبيب غيطاً
وقال له : كيف استطيع ان اخلع سنك ؟ فاجابه نوري بكل لطف : هدّئ نفسك يا
دكتور انت تشاهدني بحالتي هذه وتغضب لاني لا انفّذ طلبك , فكيف لي ان
اتحمّل انا شخصاً هذه الالام المبرّحة لسنوات عديدة بصبر اين منه صبر ايوب
البار . ارجو ان تبحث عن طريقة مناسبة لخلع سني لأتمكن من تناول السائل
...بعد خلع السن اصابه نزيف حاد خلال اربع وعشرين ساعة بدون انقطاع والدم
يتسرب الى معدته غير ان مشيئة اللّه لم تكتمل بعد وكان له نصيب ان يعيش .
وفي كل صيف ومع الحرارة اللاهبة تنتابه القروح والجروح في انحاء جسمه , من
راسه حتى اخمص قدميه .

ملاك الرحمة
ان
العناية اللهية تقود العالم , فلقد هيأت لنوري ممرضة فاضلة وانسانة جبارة
تخدمه بكل صبر وأناة , وتعالج قروحه وجروحه بالعقاقير لفترة الصيف كله وهو
يتحمل مستشهداً ومقتدياً بصبر ايوب . فالذهب كلما ازداد احتراقاً بالنار
يتنقي من شوائبه والمؤمن كلما اشتدت عليه المحن والتجارب والآلام وهو يصمد
, يستطيع الفوز بالحياة الابدية .
لقد زاره صاحب النيافة مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم مطران حلب وتوابعها
للسريان الارثوذكس وكاتب المقال , وكانت الزيارة الاولى بعد سيامته
مطراناً للابرشية، فلقد وقف نيافته امام سريرة متأثراً ومشدوهاً يسمع بألم
وحرقة قصة انسان مجبول بالمآسي والتجارب المريرة مع الحياة لمدة خمسة
وثلاثين عاماً . فصلى من اجله وشجعه ليثبت في الايمان والصبر حتى النهاية
مقارناً بين نوري الانسان وسلفه ايوب البار .
اجل لقد جرّب ايوب في امواله ومواشيه وارزاقه , وجرّب نوري بنيامين في
ارضه وبيته وكرومه . جرّب ايوب في بنية وبناته , وجرّب نوري في والديه
واعمامه . جرّب ايوب في القروح والجروح لفترة زمنية , وجرّب نوري بالقروح
لثلث قرن ... ردّ الرب على ايوب كل ما كان ضعفا , اربعة عشر الفاً من
الغنم وستة آلاف من الابل والف فدان من البقر والف اتان وسبعة بنين وثلاث
بنات . وعاش ايوب بعد هذا مئة واربعين سنة رأى بنيه وبني بنيه الى اربعة
اجيال ثم مات ايوب شيخاً وشبعان الايام (ايوب 42/13).
اما ايوب القرن العشرين فلم يرد له الرب شبابه واحبته وماله , سوى
مضاعفة الايمان الثابت في التجربة على امل مضاعفة ما فقد في الحياة
الابدية ... يقول المؤمن نوري :حقاً انني اعيش في سجن منذ خمسة وثلاثين
عاماً ...الناس يتهامسون فيما بينهم على مأساتي عندما يعبرون امام غرفتي
...واحياناً يبدو قلبي متعباً اذ اتتطلع بشوق لمشاهدة صديق . غير اني لا
اشعر على الاطلاق بالوحدة والعزلة فيسوع يعيش معي ... انها الحقيقة فالرب
يسوع يحيا معي في غرفتي المتواضعة وغير الصحية . وعندما يغلّف الليل
بظلامه الدامس ارجاء غرفتي اناجي ربي بتصوّف روحاني ... فيجيبني الرب
بعبارات رقيقة معزياً اياي بصوت حنون ...فيبدأ قلبي يتراقص نشواناً بين
اضلعي لوعود الرب السعيدة لمؤمنيه البارين .
ان يوم الرب آت وفيه سوف اتحرر من آلام الجسد ... انني انتظره بشوق
هائل ..اجل انا في سجن ولكن ربي معي منذ اكثر من نصف قرن... لقد تحمّل
المسيح الآلام من اجلي أكثر بكثير مما قاسيت وتحمّلت ...الرب يشيّد لي قصر
السعادة في تلك البقعة الجميلة والمضيئة ... سأذهب يوماً ما لملاقاته وأنا
نقي الروح سليم البنية ،عندها أتحرر من سجني الأرضي وعذابه وآلامه
...ويومها القي أمام قدمي يسوع جميع ذكرياتي الماضية .

بقلم القس شكري توما
كاهن كنيسة مار جرجس
حي السريان ـ حلب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ararad.yoo7.com
 
أيوب القرن العشرين.. من واقع الحياة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حوار بين الحياة والموت

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ararad :: منتدى ديني-
انتقل الى: